الرئيسية / اقتصاد / «البنك المركزي»: ضعف الكويت اقتصادياً قد يؤدي لمخاطر أخرى

«البنك المركزي»: ضعف الكويت اقتصادياً قد يؤدي لمخاطر أخرى

ألقى بنك الكويت المركزي الضوء مجدداً على حقيقة المرونة التي يتمتّع بها الاقتصاد الكويتي، وقدرته على استيعاب الصدمات المتكررة، داعياً مجلس الوزراء إلى جعل موضوع الإصلاحات الاقتصادية المستهدفة أشبه بمعركة البقاء، باعتبار أن الواقع الاقتصادي الصعب حالياً يشكل حقائق وليس فرضيات.

وقدم «المركزي» في ورقة ناقشها مجلس الوزراء أول من أمس حول «مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار جائحة فيروس كورونا»، وحصلت «الراي» على نسخة منها، قراءة تحليلية مقارنة لمقومات الاقتصاد الكويتي في ضوء الاختلالات الهيكلية، حيث تم تكليف الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة للعمل على إعداد مؤشر خاص يساهم في معالجة مواطن الخلل ووضع الحلول المناسبة، ويعزز من مواجهة الصدمات الاقتصادية في المستقبل.

أزمتان حادتان

ونوه «المركزي» إلى أنه بخلاف الاختلالات الهيكلية المزمنة التي يواجهها الاقتصاد الكويتي، واجه أزمتين حادتين، حيث تأثر بتداعيات أزمة كورونا عالمياً ومحلياً، الأمر الذي أدى إلى تراجع معدلات الطلب على النفط وانهيار أسعاره، مع جائحة كورونا مع أزمتين رئيسيتين بالتوقيت نفسه، الأولى معدلات النمو الاقتصادي المتباطئة عالمياً والثانية ظهور صراع تجاري شديد بين منتجي النفط خلال الأشهر الأولى من 2020، حيث سجل الناتج المحلي للاقتصاد الوطني انكماشاً بنحو 8.9 في المئة العام الماضي، مقارنة بـ2019 الذي سجل خلاله انكماشاً بـ 0.6 في المئة، وجاء ذلك محصلة للانخفاض الناتج النفطي بنحو 8.2 في المئة وللقطاعات غير النفطية بـ9.6 في المئة، فيما يتوقع تعافي الاقتصاد الوطني العام الجاري ليسجل 0.7 في المئة ونحو 3.2 في المئة في عام 2022.

وتحليلياً، كشف «المركزي» في ورقته للإصلاح الاقتصادي، متسلحاً بالأرقام والبيانات التفصيلية التحذيرية، موقع الكويت على الخريطة الاقتصادية العالمية، حيث بين أنه على صعيد مؤشر مرونة النظام المالي الذي يقيّم استدامة السوق المالية، جاءت الكويت في المرتبة 60 عالمياً، بعد السعودية التي جاءت في المركز 43، والإمارات 33، موضحاً أن البلدان التي لديها أنظمة مالية أكثر مرونة ويسهل الوصول إليها أقل عرضة لخطر الأزمة المالية المترتبة على الجائحة.

مؤشر التعافي

وعلى مستوى مؤشر التعافي الاقتصادي من «كورونا»، جاءت الكويت في المرتبة الثالثة عربياً و54 عالمياً، أما بالنسبة لمؤشر متانة القطاع الصناعي ومدى تنوع القطاعات الاقتصادية، الذي يعد أحد العوامل التي تؤثر على القدرة الاستيعابية، سجلت الكويت درجة متدنية للغاية بنحو 3.04 نقطة، وجاءت في المرتبة الأخيرة على مستوى العالم (المرتبة 122 من أصل 122 دولة يشملها المؤشر) مقارنة بالمرتبة 113 للمملكة العربية السعودية والمرتبة 120 للإمارات.

ويعكس هذا الترتيب ارتفاع درجة المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الاقتصاد في أوقات الأزمات المختلفة، والتي تنعكس جميعها وبدرجات مختلفة على النشاط الاقتصادي.

وعلى صعيد مستويات الديون، جاءت الكويت في المركز الأول عالمياً لناحية انخفاض الديون، متقدمة على السعودية التي جاءت في المرتبة الثالثة والإمارات التي جاءت بالمركز 17، ومن أسباب تقدم الكويت انخفاض مستويات الديون الخارجية، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالدولة الأخرى والتصنيف السيادي القوي ومعدلات التضخم المنخفضة نسبياً، حيث تمثل هذه المقومات عناصر قوة لقدرة الاقتصاد الوطني على تحمل الأزمات والتعافي منها بشكل أسرع.

وأوضحت ورقة «المركزي» أن لدى الاقتصاد الكويتي قدرة جيدة على تحمل الصدمات والتعافي من آثار «كورونا»، ويأتي ذلك كمحصلة للعديد من مكامن القوة ونقاط الضعف وتلك الجيدة، مبينة أن المؤشرات أظهرت أن أبرز نقاط الضعف تكمن في انخفاض درجة تنوع الاقتصاد الكويتي وارتفاع مخاطر الناتج المحلي الإجمالي علاوة على ارتفاع مخاطر الأمن الغذائي أثناء الجوائح والصدمات.

صعوبة التعافي

وأظهرت الورقة أن مؤشرات الأزمة الاقتصادية الحالية كشفت عن نقاط ضعف موجودة مسبقاً، والتي بدورها يمكن أن تؤدي إلى مخاطر أخرى، مشيراً إلى أن أحد هذه المخاطر هو الأزمات المالية، التي يمكن أن تكون أطول وأكثر صعوبة للتعافي منها.

وفي هذا السياق، طرح «المركزي» التساؤل الذي بات يشغل الجميع، وهو كيف للاقتصاد الكويتي الذي يعاني من اختلالات هيكلية مزمنة تعوق تطوره ونموه بشكل مستدام مواجهة الصدمات والتعافي منها بالقدر والتوقيت المناسبين، لا سيما في ظل هيمنة القطاع النفطي على النشاط الاقتصادي، وما ترتب على ذلك من تضخم دور القطاع الحكومي وهيمنته على عجلة النشاط الاقتصادي ومحدودية دور القطاع الخاص في دفع عجلة النمو الاقتصادي؟

ومن الواضح أن الإجابة عن هذا السؤال المصيري ليست سحراً، لكنها تحتاج لخطوات صعبة يتعين على الحكومة تبنيها، وفي هذا الخصوص قدمت ورقة «المركزي» ما يشبه وصفة إنقاذ أخيرة، حيث أكدت أنه لتحقيق مؤشرات التعافي الاقتصادي من «كورونا» هناك أهمية وضرورة للإصلاحات الاقتصادية الكاملة للاقتصاد الكويتي، ليس باعتبارها مسألة تأتي في سباق التنمية والنمو المستدام على المدى البعيد فحسب، إنما يتعين النظر إلى هذه الإصلاحات باعتبارها الأداة الرئيسية لمواجهة الصدمات، ودعم مقومات الاقتصاد الوطني اللازمة لمواجهة الأزمات والقدرة على التعافي منها، والتي ستشكل المصدات الاقتصادية الهيكلية الشاملة للاقتصاد.

استعادة التعافي

ولفتت إلى أن مؤشرات التعافي الاقتصادي للدول أظهرت أن أبرز الركائز الضرورية لاستعادة التعافي من الصدمات تشمل تنوع الاقتصادات وأسواق العمل القادرة على التكيف وارتفاع درجة الرقمنة والحوكمة ورأس المال الاجتماعي الجيد، والأنظمة المالية التي تعمل جيداً، موضحة أن جميع هذه العوامل أساسية للتعافي من الأزمة وتجاوز الآثار الاقتصادية للجائحة، كما أنها تمثل مفتاح الانتعاش، وذلك بناء على نتائج البلدان الأفضل أداء.

وبينت الورقة أن الإصلاحات الهيكلية، بوجه عام، تضم حزمة سياسات تؤثر بالأساس على جانب العرض الكلي في الاقتصاد، وتشتمل على أكثر من نوع من أنواع الإصلاحات، بما فيها تدابير تحرير الاقتصاد والخصخصة والتنويع الاقتصادي والانفتاح الخارجي وتحرير التجارة وإصلاحات تطوير أسواق المال، وأسواق المنتجات وغيرها من التدابير الهيكلية الأخرى، لافتة إلى أن هذه الاصلاحات تؤثر بشكل رئيس على مستويات الإنتاجية التي تعد بدورها أهم قناة يتفاعل بموجبها تأثير هذه الإصلاحات للقطاع الحقيقي.

تخطيط طويل

أفاد «المركزي» بأن أزمة كورونا أعادت ظهور دور الحكومة وأهميته في حماية الناس والاقتصادات في أوقات الأزمات، وجعلت من هذا التوقيت توقيتاً مناسباً لقيام الحكومة بالتخطيط على المدى الطويل وتعزيز العوامل التي تحتاجها الأعمال والمجتمعات للتطور والنمو على نحو مستدام.

ولفت البنك في ورقته إلى أن الدافع لإجراء الإصلاحات الاقتصادية كان في الماضي هو السعي لتحقيق المزيد من الرفاهية والرخاء والتنمية المستدامة، إلا أنه وبفعل تسارع وتيرة الأزمات التي تعرضت لها الاقتصادات في العقود الأخيرة وما أفرزته الأزمة الحالية على وجه التحديد، بات موضوع الإصلاحات أشبه بمعركة البقاء، لكونها أصبحت شرطاً أساسياً ومحوراً قوياً يوجه نحو اقتصاد وطني أكثر شمولاً واستدامة وأكبر قدرة على الصمود في مواجهة الجوائح وأمام الصدمات الاقتصادية حال تكرارها مستقبلاً.

وشدد «المركزي» على أنه يترتب على اختلالات المالية العامة والتي تعتبر المؤثر الرئيس في توجيه السياسات الاقتصادية للدولة انكشاف الاقتصاد الكويتي على التقلبات في أسعار النفط العالمية، وضآلة الانفاق الاستثماري مقابل ارتفاع الانفاق الجاري، ويرتبط بتلك الاختلالات أيضاً اختلالات سوق العمل والمتمثلة أساساً في تركز الجزء الأكبر من العمالة الوطنية في القطاع الحكومي.

3 فئات لتصنيف مؤشرات التعافي الاقتصادي
أظهرت ورقة «المركزي» أن المؤشر العام يُظهر أن الاقتصاد الكويتي لديه قدرة جيدة على تحمل الصدمات، والتعافي من آثار جائحة كورونا، موضحة أن ذلك يأتي كمحصلة للعديد من مكامن القوة ونقاط الضعف وتلك الجيدة. و
لفتت إلى أن «المركزي» قام وبشكل اجتهادي، بتصنيف مؤشرات التعافي الاقتصادي للكويت إلى 3 فئات ووفقاً لـ3 مستويات تشمل المحاور الرئيسية، والمؤشرات الرئيسية، والمؤشرات الفرعية والبنود، وذلك على النحو التالي:

- الفئة الأولى (أفضل 25 في المئة من مراكز ترتيب الدول) وهي نقاط القوة أو مكامن القوة للاقتصاد، وهي تلك المؤشرات التي حصل فيها الاقتصاد الكويتي على الترتيب ما بين 1 إلى 30 عالمياً. 

– الفئة الثانية (من 25 إلى 50 في المئة من مراكز ترتيب الدول) وهي المؤشرات الجيدة التي حصل فيها الاقتصاد الكويتي على الترتيب ما بين 31 إلى 61 عالمياً. 

– الفئة الثالثة (أسوأ 50 في المئة من مراكز ترتيب الدول) وهي نقاط الضعف للاقتصاد الكويتي، وهي تلك المؤشرات التي حصل فيها الاقتصاد الكويتي على الترتيب من 62 إلى 122 عالمياً.

وتغطي ورقة «المركزي» مؤشرات المقومات الاقتصادية بمدلولات كمية ورقمية يسهل فهمها وشرحها والتعامل معها، وذلك من منظور مقارن سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي، ما يحدد بدقة مواطن القوة والضعف للاقتصاد الكويتي، كما يحدد بدرجة من التفصيل ماهية القطاعات والمؤشرات التي يجب العمل على تحسينها في الوقت الحالي، وعلى المديين المتوسط والبعيد.

اقتراح مؤشر خاص لقياس تعافي الاقتصاد

أكدت ورقة «المركزي» على أهمية العمل مستقبلاً على تعزيز المؤشرات التي جاء فيها ترتيب الاقتصاد الكويتي متأخر نسبياً، بهدف تعزيز المرونة الاقتصادية الكلية للاقتصاد وإكسابه منعة في مواجهة الصدمات.
وبينت أنّ من أبرز تلك المؤشرات تنوع القطاعات الاقتصادية والأمن الغذائي والمرونة الاجتماعية، وقدرة سوق العمل على التكيف، والتعليم والمهارات، ومرونة النظام المالي، مقترحة أن يكون للكويت مؤشر خاص تقوم الحكومة بإعداده لقياس مؤشرات التعافي للاقتصاد الكويتي.

وأعرب «المركزي» في نهاية ورقته عن أمله بأن توافر بما تتضمنه من مؤشرات أداة موضوعية تعتمد على البيانات، لمساعدة صانعي القرار في الجهات الحكومية المعنية برسم وتنفيذ السياسات الاقتصادية الكلية على تطوير سياسات فعّالة تمكنها من تجاوز الأزمة والتعافي منها، والحد من حال عدم اليقين، وتحديد أولويات العمل في المستقبل القريب، بما يساهم في تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني بمواجهة الصدمات المستقبلية.

تحليل واقع الكويت اقتصادياً وفقاً لـ «هورايزون»
أعدت مجموعة هورايزون البحثية «Horizon Group» في 11 أكتوبر 2020 تقريراً حول مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار جائحة كورونا (CERI) على مستوى العالم، وفقاً لأداء الدول في مؤشرات متعددة خلال «كورونا»، وبناءً على ذلك، استفاد بنك الكويت المركزي من المؤشرات التي استخدمها «Horizon Group»، وطبقها على الاقتصاد الكويتي ليقيم ويحلل من خلالها مدى تعافي الاقتصاد الوطني من آثار الجائحة.
وتعد «هورايزون» هيئة خبراء منبثقة عن الأمم المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي، وتتخذ من سويسرا مقراً لها، كما أنها مؤسسة بحثية تهدف إلى دعم جهود الانتقال نحو اقتصاد مستقبلي مستدام وشامل وقائم على التكنولوجيا عبر مجموعة محاور، يأتي في مقدمتها الابتكار وتحقيق الشمول والمرونة الاقتصادية، وتعزيز قدرات الشباب والعمل على تعزيز متانة القطاعات، استعداداً للمستقبل.

ويعد تقرير المجموعة من أحدث التقارير التي تتناول أزمة جائحة كورونا، بهدف تقديم طرح وافٍ يناقش مخاطر الركود لفترة طويلة، وكيفية صياغة إستراتيجيات تلبي متطلبات المرحلة الراهنة، وتمكن الدول في الوقت ذاته من اتخاذ تدابير وإجراءات فعالة لتعزيز المرونة في مواجهة الصدمات المستقبلية.

شاهد أيضاً

Finest Online Gambling Establishments that Approve Mastercard

Mastercard is among one of the most widely approved settlement methods at on the internet …

اترك تعليقاً